الثبات على 18 آذار ،الثبات في كنف الحقيقة والثورة العميقة ـ عزيز تبسي

مقالات 0 admin

تقويض نخبوية الإحتجاج وإنفتاحه على الأفق الشعبي الثوري

طالما عانى العامة من تزوير وقائع تاريخهم،هم من إندفع لصنعه ودفع ضريبة دمه وناره وهم من يرمى في الهامش القسري،تجري العملية بالإحالة إلى سرديات مشغولة بإحترافية المزور الخبير،محاطاً بقوى إعلامية-ترويجية،تمكنه من تسوّيد فكرته وخطابه.تتداول القوى الثورية تاريخين مؤسسين للإنتفاضة الشعبية الثورية،15 آذار حينما جرى إعتصام مناضلون ديموقراطيون وحقوقيون أمام وزارة الداخلية،يطالبون بالإفراج عن المعتقلين السياسيين،ومعتقلي الرأي في السجون السورية.إعتصام إكتسب معناه الجديد بكونه إندرج في مسار الإنتفاضات الشعبية العربية.قبلها جرت في سورية وقفات،آخذة شكلا من تقليد ديموقراطي سنوي،إحتجاجاً على قانون الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الإستثنائية والميدانية في يوم الثامن من آذار ،الذي شرع العمل بهذه الحزمة من القوانين بعد الإنقلاب العسكري الذي وقع في اليوم ذاته قبل ما يقارب نصف قرن،وما يزال يعمل بها إلى اليوم،ووقفات أخرى لها طابع تضامني مع الشعب العراقي في حصاره والعدوان الإمبريالي عليه،وضد العدوان الصهيوني على الشعب اللبناني في تموز2008،والعدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كانون الثاني 2009،حينها كان من يحضر من عناصر الأمن التابعة لفروع المخابرات الأربعة الأشهر،واللذين يعلمون بالموعد قبل الكثير من المناضلين،ما يفوق عددهم المحتشدين،بعدها يمضي كل إلى بيته أو إلى لقاء الأصدقاء ليتداولوا إلى مالا نهاية أسباب البؤس السياسي وجبروت الإستبداد،بعدها يمكن أن يستدعى إلى التحقيق بعض من إلتقطت لهم العناصر الأمنية صور،لكن في البداية والنهاية كان المتجمهرون يعرفون إمكاناتهم وحدودها وملتزمين ضمناً بهما.لكن الذي حصل في يوم 15آذار لم ينتهي إلا بإعتقالهم في لحظة إحتجاجهم ذاتها وأطلق سراحهم/هن بعد بضعة أيام مع وعد بالإفراج عن المعتقلين وبتهديدات مبطنة بعدم تكرار هذا الفعل.

عكس هذا التاريخ والرغبة في تثبيته،الحدود السياسية للتغيير وفق قناعات الجماعات السياسية التقليدية،مع تباين إحداثيات توضعها الراهن في الإنتفاضة،ودرجات إستجابتها للسيرورة الثورية التي أطلقتها،والتي رغم إرتفاع صوتها وتمكنها من إبرام إتفاقات ومساومات عابرة للحدود والجهر بوعود لا تملك من تحقيقها شيئاً،قد أسقطتها الإنتفاضة الشعبية،لكونها لم تبارح الأفق العام لتلك الثنائيات المزيفة التي تضعها الطغمة العسكرية في فم أعوانها:الليبرالية الإقتصادية/رأسمالية الدولة،القبول بالتسويات الدولية للقضايا الوطنية/القبول بعضها ومخالفة بعضها،التذلل لأنظمة الريع النفطي الخليجي/التذلل لأنظمة الريع النفطي غير الخليجي…..وهي بعمومها حزمة من القناعات تعيد إنتاج المشروع الإقتصادي-الإجتماعي لسلطة الطغمة العسكرية بوسائل أخرى،وهي مقاربات بوعيها العميق أو السطحي لها تبقي الصراع رهن نخبويته،أي رهن عجزه الدائم،وإنغلاقه على عناصره الراكدة ومأزقه المتجدد.

18 آذار هو التاريخ الثاني،الذي إرتبط بالإحتجاج الشعبي الواسع في مدينة درعا بتفاعل من عموم بلدات وقرى حوران،رداً على المهانة التي تلقاها وفد الأعيان الذي مثل أهالي تلاميذ المدرسة الإبتدائية المعتقلين في أقبية فرع الأمن السياسي بعدما كتبوا بالطباشير على الجدران”جاييك الدور يادكتور”و”الشعب يريد إسقاط النظام”.سرى نداء”الفزعة”كسهم ناري في أهراءات المظلوميات والإضطهاد والتهميش والفقر التي باتت بمجموعها هشيماً جاهز للإلتهاب والتأجج،وجهت الفزعة بالرصاص القاتل،سقط من لحظتها ثلاث شهداء وعشرات الجرحى، ووعد فاشي بالسحق الحاسم،لتستنفر الطغمة العسكرية أجهزتها ويهيئ إعلامها سرديته الخاصة عن الواقعة، ويبدأ تدخل الطيران العمودي وكتائب القناصة…والأكاذيب.

تاريخ يتصل بالبنية العميقة للإنتفاضة الشعبية،بكونها إنتفاضة ضد الليبرالية الإقتصادية المتطرفة،الإقصاء السياسي،الحرمانات المتعددة،وحركياً تشكل إنزياحاً عن المسارات الإعتراضية التي إجترحتها الحركة السياسية التقليدية وتثبتت عندها بعجز عن تجاوزها….بين هذين التاريخين-الخيارين،تتوزع قوى الإنتفاضة الشعبية،خيار تتوفر له الفرص تباعاً للتمكن والهيمنة على سياقات نتائجها الأولية،وخيار يبقى أمام إحتمالات مفتوحة أولها الغدر به والإطاحة بمطالبه،مع تبني ألفاظه بعد إفراغها من مضامينها الثورية.

خاص مواطنة ـ حلب آذار 2013.

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة