القاعدة..والاستثناء السوري ـ ساطع نور الدين

مقالات 0 admin

لا مفر من اللجوء الى علوم الغيب وكتب تفسير الأحلام لفهم خلفيات ذلك السجال الذي دار خلال الأيام الماضية بين كل من العراقي أبو بكر البغدادي والسوري أبو محمد الجولاني وقائدهما الاعلى زعيم تنظيم القاعدة الدكتور ايمن الظواهري، والذي لم يكن كما يبدو يعبر عن خلل تنظيمي او سوء إدارة او تواصل بقدر ما كان يعكس خلافا سياسيا، او ربما فكريا إذا جاز التعبير.

لا يمكن الركون الى فرضية سابقة تفيد ان الثلاثة أشخاص افتراضيون، ليس لهم وجود على ارض الواقع، مثلما لا يجوز الظن في ان كل واحد منهم كان يغني على ليلاه. غياب التنسيق المسبق وارد طبعا لأسباب عديدة، لكن الاستنتاج ان الثلاثة يفتقرون الى الحد الادنى من التفاهم على الخطوط العريضة لأهداف التنظيم واستراتيجيته في سوريا يحطم أسطورة القاعدة، ويبدد الكثير من الخرافات التي تغلف حضورالتنظيم ودور جبهة النصرة التي تمثله في الثورة السورية.

قراءة البيانات الصادرة عن الرجال الثلاثة لا تسقط من الحساب طبعا اجماعهم على فكرة الخلافة الإسلامية المنشودة في بلاد الشام، لكنها توحي بتمايز موقف الظواهري عن وكيليه العراقي ( البغدادي) والسوري ( الجولاني) الذي يبدو اكثر واقعية، وعقلانية، مستفيدا، حسب تعبيره الحرفي ، من مراجعة تجربة التنظيم العراقية، التي تمكنت من إخراج الأميركيين من العراق، لكنها لم تستطع ان تكسب أحدا في بيئتها، بل ازدادت عزلة وهجرة، نتيجة ممارساتها التي كانت ولا تزال مرفوضة من جمهورها قبل ان تكون مدانة من خصومها.

اعلن الظواهري الاستنفار العام والجهاد من اجل إقامة الدولة الإسلامية في سوريا، من دون أي حساب لموازين القوى على الجبهة السورية، او داخل صفوف المعارضة نفسها التي لا يمثل اتباع القاعدة فيها سوى اقل من عشرة بالمئة من المقاتلين.. فجاءه الجواب ببيان ( تطرح الان علامات استفهام حول مصدره وتوقيته) بإعلان الدمج بين فرعي التنظيم في سوريا والعراق، او بالأحرى بإسناد الإمرة الى الفرع العراقي، ما آثار تحفظ الفرع السوري ودعوته الى احترام الخصوصية السورية التي لا تحتمل الإكراه ولا المزايدة، ولا طبعا الزعم بان البيئة السورية ناضجة لخطاب تنظيم القاعدة، او جاهزة لتجربة أساليبه العراقية الوحشية.. التي سبق ان كانت محل خلاف علني بين الظواهري نفسه وبين الأمير السابق للتنظيم أبو مصعب الزرقاوي، الذي لم يكن يعترف بوجود أبرياء ولا يستحرم أي دم في الصراع مع اميركا وحلفائها.

الانطباع الأولي يفيد بان الظواهري لا يقود التنظيم بقبضة حديدية او ربما لا يحظى بتسليم الفروع والشبكات والخلايا بقيادته، وهو ما افسح المجال لتلك الاجتهادات العراقية والسورية المتباينة، التي لا يمكن ان تظل في إطارها النظري او حتى السياسي.. برغم ان الميل العام هو لوضعها في سياقها الخيالي الذي كان وسيبقى احد أقوى أسلحة القاعدة وأشدها فتكا، من دون استبعاد الاختراق الاستخباراتي الذي قد يكون المصدر الوحيد لتلك البيانات المحيرة الصادرة عن الرجال الثلاثة.

.. لم يكن ينقص الثورة السورية إلا ذلك السجال بين الظواهري والبغدادي والجولاني، لكي تكتمل الصورة البائسة : حتى تنظيم القاعدة الذي كان يفترض انه الهيكل السياسي والامني الاشد تماسكا وقوة ، يعجز عن التفاهم على جدول اعمال واحد وعلى قيادة موحدة، في سوريا، ويلتحق بسواه من تشكيلات المعارضة السورية التي استعصت على كل ما يمكن ان يساعد في وقف المذبحة التي يتعرض لها الشعب السوري.

هل هي لعنة سوريا، أم هو قدرها؟ أم انه التاريخ السوري الذي لا يخطىء؟

 11/04/2013, المدن

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة