لا أحد يشبهه في القتل.. سواك ـ بشار عبود

مقالات 0 admin

بدأ المشهد بانقلاب على الرفاق، لم يكن أبيضاً كما حاول إيهامنا، فقد كانت كاميرا القتل تشق طريق حكمه بالدماء ليل نهار، ليستمر العرض طيلة أكثر من أربعين عاماً، دون حتى المحاولة لاستبدال مدرسته الإخراجية القائمة على القمع والقتل، فيما ترافقه موسيقا واحدة ووحيدة لجوقته التي تدربت على تمجيده في أوركيسترا المؤسس كيم إيل سونغ وابنه كيم جونغ إيل.

 

لم يبق سوريٌّ واحد لم يتذوق طعم القلق في عهده، رغم أننا لم نكن أكثر من مجرّد كومبارس في المشهد العام، انتهك أعراضنا واستباح حرماتنا ورمانا في غياهب الجبّ، أما القوانين فقد صيّرها على مقاس خياله الإجرامي.

 

الدول الإمبريالية بالنسبة لديه لم تكن تختلف عنده عن حلفائه الشيوعيين، كما لم يختلف عنده الزعماء العرب عن الخميني، أو كاسترو، ومثلهما خالد مشعل وحسن نصر الله، رغم اختلاف الإيديولوجيا، كما وظّف جميع الزعماء اللبنانيين لمصلحته الخاصة، فالجميع يُستفاد منهم طالما سيساندونه في إبقائه زعيماً واحداً وأوحداً على كل سوريا.

 

ولأجل الحفاظ على هذه الزعامة، نادراً ما كان يُغيّر في التوجه العام لسيناريو قبضته الحديدية، فقد كان مندوباً عن كل الخارج داخل الأراضي السورية ومن بعدها اللبنانية، إذ لم يترك حافظ الأسد وسيلة لاحتقار شعبه لم يمارسها، ولا غرابة في ذلك، فقد كان هو المهم ومن بعده الطوفان، استباح الدولة السورية، وألحق بها لبنان الجار الصغير أو الخاصرة المزعجة، فأصبحت مزرعة إضافية لمرجه الواسع في الوطن الأم، لتظل المفاتيح في يده حتى يموت.

 

وها أنت تأتي على إرث نظام أمني قاتل غير قابل للتفكيك، ولا للإصلاح، فلا أنت ولا نظامك الشرس الذي أسسه والدك، تعلّم ضرورة الخروج عن مفاهيم القمع والقتل والتدمير، وهذا بالأصل لا يعنيك في شيئ، غير أنك لم تدرك أن حركة التاريخ لا يمكن معاندتها، فلا الأيام هي ذاتها ولا شروط الحياة هي نفسها ولا الناس هم أنفسهم، كل شيئ تغير، فيما وحدك الذي بقيت كما أنت، قاتل ومدمّر ووحش مخيف.. لم تدرك أن الاستمرار في اجترار الحلول القمعية لا يفضي بالضرورة إلى السيطرة والحكم كما علمك ذلك العراب الأب.

 

تحمّلناك عشر سنين، كانت أكثر من سني يوسف عجافاً، لم تكن ترى شعبك بالأساس لتعرف أنه ممكن بلحظة ما أن ينفجر، كذّبت الكل وصدّقت تقارير الأمن، ونحن نعلم أنك قاتل كاذب فلم نكن نصدّقك في أية كلمة تقولها، ولم نكن نلتفت أصلا إلى إذاعاتك وتلفزيوناتك الرسمية والخاصة، وكنا جميعا بانتظار لحظة الحقيقة التي وُلدت على أيدي أطفال درعا، الذين لم تكن تعرف عنهم أي شيئ، فكشفوك وعرّوك كما أنت وبدون زيف فظهرت لنا مجرّد وحش ببدلة أنيقة.

 

لم يكن في ثورتنا قيادات حزبية كالتي صنعها والدك في الجبهة الوطنية التقدمية، على شاكلة خالد بكداش ويوسف الفيصل وصفوان قدسي .. والقائمة تطول، حيث سهّل هؤلاء على والدك ضبط الشارع السوري بكل أطيافه السياسية والثورية، وساهموا مع والدك في تفريغ ليس فقط الأحزاب السياسية وإنما كل سوريا فرغوها من كل طاقاتها.

 

أعاقتك القطيعة مع أطفال درعا، وأصبحت كالعملاق الأعمى الذي لم يعد يصيب الهدف، ورحت تتساءل: أين هؤلاء ؟؟ توالد أطفال درعا في كل سوريا الذين كنت أنت وأجهزتك الأمنية على قطيعة معهم، فنشوتكم أعمتكم عن الأطفال الصغار القابضين على حريتهم كالقابض على الجمر، فأقلق هؤلاء راحتك وقضّوا مضجعك وخلخلوا نظامك الأمني العفن.

 

كم كان صعباً أن أحصي ضحاياك، ليس القتلى منهم فقط وإنما الجرحى والموجوعون، ولا يقل عنهم الفاسدون والمفسدون والعاهرون اجتماعيا واقتصاديا وما أكثرهم في عهدك، فقد جعلتهم يتوالدون كنبات الفطر. أوسعت أبواب الفاسدين والمتحكمين، وأوصدت نوافذ الحرية والكرامة والعدالة، حتى أصبحت لا أحد يشبهه سواك، ولن يقدر على تقليدكما أحد.

9/4/2013

 – أورينت نت

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة