استقالات الخطيب وعسكرة الثورة ـ غسان المفلح

مقالات 0 admin

هناك تلميع تمارسه بعض الاطراف لصورة الشيخ معاذ الخطيب على حساب صورة الثورة!نسجل للشيخ معاذ تفوقا اخلاقيا لا غبار عليه على العديد من اقرانه ممن معه بالائتلاف والمعارضة, سبب بسيط جدا من بين اسباب عدة للاستقالة أنه لا يعنيه الموقع, إلا إن كان التقديم المتكرر للاستقالة تكتيك سياسي, لا علم لنا بالنوايا, فيصبح للحديث معنى آخر. مقابل اعضاء في الائتلاف لا يقبلون حتى بدفع ثمن فنجان قهوة من جيبهم الشخصي, إذا كان في مؤتمر او في اجتماع للمعارضة في اوتيل, ويتنقل من موقع لآخر في الصفوف الاولى من تشكيلات المعارضة بغض النظر عن البرنامج السياسي, هو يخدم الموقع لا البرنامج. في المقابل نجد حرصه على استقلاليته الفردية التي تمنع العمل الجماعي, وهذه قضية لم تعد تحتاج لنقاش لديه فردانية واضحة, وعدم قدرة على ملامسة العمل المؤسسي مثل كثيرين غيره من المعارضة, لكنهم لايمتلكون نزقه, وقضايا اخرى تمنعهم ان يتصرفوا مثله لحسابات شخصية أيضا.

أسوأ ما حصل للمعارضة هو خلوها تقريبا من المؤسسات الحزبية التي يجب على اعضائها الرجوع إليها, وهذا ينطبق على التشكيلات المعارضة كافة من ائتلاف, لهيئة تنسيق, وللمجلس الوطني, وكان جورج صبرا وفاروق طيفور استثناء, الاول له مرجعيته في “اعلان دمشق” وحزب الشعب الديمقراطي بكونه عضو الامانة العامة فيه مع الصديقين المناضلين غياث عيون السود وفائق المير, والاستاذ فاروق هو نائب المراقب العام للاخوان المسلمين, ومرجعيتهما تتحكم بضرورة التزامهما بالعمل التحالفي حتى لو كان لهما ملاحظات او خلافات معه, لأنها تحالفات بين حزبه وبين آخرين وليس تحالفات بين شخصه وآخرين. وهذه كانت نقيصة في اداء الشيخ معاذ ومعه كل الشخصيات المعارضة الموجودة في هذه التحالفات لكونها شخصيات مستقلة, مهما كانت رمزية هذه الشخصيات وسلوكها واخلاقها,إلا انها من دون مرجعية موضوعية, وتبقى محركات الجدوى لديها ذاتية! هؤلاء صاغوا منذ بدء الثورة وحتى اللحظة, تشققات الحالة المؤسسية للثورة, ولا يزالون على نفس المنوال. وهتكوا ابسط اعراف العمل المؤسسي من جهة وقواعد العمل التحالفي التي تنص على ان التحالفات السياسية تقوم على تقاطعات بينية بين القوى السياسية, ولاتعني ان اي طرف يفرض برنامجه السياسي على بقية الاطراف, وإلا هذه لم تعد تحالفات بل تبعية هذه الاطراف سياسيا لطرف واحد. نحن هنا نتحدث عن “المجلس” و”الائتلاف” و”هيئة التنسيق”. في كل هذه المؤسسات لم يستطع طرف واحد داخلهما فرض رؤيته السياسية كاملة على بقية الاطراف, وإن كان حقق هيمنة ما فهي هيمنة مفهومة ومفسرة.الشيخ معاذ الخطيب أيضا منذ لحظة ظهوره على ساحة الفعل السياسي كرئيس للائتلاف المعارض, وهو يتصرف بروحية الزعيم الاوحد, والذي يعرف كل شيء, ومواقفه هي الصح.

كتب من كتب عن استقالة الشيخ معاذ, وانتقده من انتقد, ومدح مواقفه من مدح, لكنها تركت أثرا سلبيا على الفضاء العام للثورة, وانتعشت جماعة الحل السياسي والنضال السلمي في مواجهة ما يسمونه خيار العسكرة, لدرجة دعوته من قبل السيد حسن عبد العظيم للتحالف مع هيئة التنسيق في اطار تحالفي جديد.

ببساطة معرفتي الثورة والمعارضة هي موقف من السلطة, إذا كانت سلطة قمعية وفاسدة, والسلطة السورية سجلت ارقاما واوضاعا قياسية على هذا الصعيد, لم يمر في تاريخ غالبية شعوب الارض سلطة مجرمة كسلطة آل الاسد. هذا اتفاق واضح وصريح وضمني بين كل المعارضين على اختلاف انتماءاتهم وتحالفاتهم وصورهم الشخصية. يجملها من له موقف سياسي من الثورة وليس العكس, اقصد هناك معارضة تحاول التخفيف مما فعلته هذه السلطة وتفعله في شعبنا, تحت بند نقد الثورة والمعارضة او رفض العسكرة, او اتهام المعارضة بتبعيتها للاخوان المسلمين باعتبار هذا التيار خائن وطنيا,كما ربى هؤلاء بعث حافظ الاسد وما تحته هناك في الطية السوداء! من خطاب طائفي كريه اوصل سورية الى ما وصلت إليه. لهذا تصبح كل التشكيلات التي تتحالف مع الاخوان سببا في تدمير البلد, ويتحول آل الاسد عندهم لمتصرفين على اساس رد الفعل, وتنسى كل العوامل التي ادت للثورة, او توضع في طية اخرى اكثر سوداوية, وهي اتهام كل خيار العسكرة للثورة بما يشبه الخيانة!! الذي ادخل فيه الشعب السوري عنوة, نتيجة لجرائم السلطة السورية في قتل المتظاهرين السلميين, وتقطيع المدن بالعسكر والشبيحة, ونهب ارزاق الناس قبل ان تطلق طلقة واحدة, ستة اشهر واكثر حاول الشعب السوري تجنب خيار العسكرة, ويدعو الى حل سياسي يقابله شبيحة وعسكر ومخابرات بالقتل والتنكيل. يخبرونا جماعة الحل السياسي شو قصة سوق السنة في بعض المناطق?

الشيخ معاذ اعطى دفعة جديدة للدفاع عن جرائم السلطة,تحت مسمى رفض خيار عسكرة الثورة, علما ان الشيخ معاذ على حد معلوماتي المتواضعة ايضا, لم يطالب ولا مرة رسميا بتسليح الجيش الحر.

كل ما يقال عن الفعل الثوري من سلبيات وظواهر خطيرة احيانا, يجب الا يحجب الاجابة عن سؤال لماذا شعبنا قام بثورته ودفع ويدفع ما يدفع من دماءه?,كنت اتوقع بعد مجزرة الفضل ان يراجع بعض هؤلاء مواقفهم, لكن عبث,الحق على الثورة, ويجب تصيدها,ويجب تخوين التشكيلات السياسية التي تحاول ان تمثل اسباب انطلاق الثورة واهدافها, وتحميلهم مسؤولية فشل الحل السياسي,وكأن آل الاسد وافقوا على اي حل سياسي! في ظل موازين القوى الحالي ما يريدونه اتباع الحل السياسي هي اعادة بشار الاسد إلى ما تحرر من سورية, ليعطونا سيناريو حل سياسي يقبله آل الاسد.

مع ذلك نقول لهم دوما لو كانت سلطتهم تريد حلا سياسيا لقبلت بتحريك مبادرات هيئة التنسيق. وكلنا يذكر ان رؤية هيئة التنسيق بالحل السياسي, طرحت قبل ان يحرر الثوار اي قرية سورية, لا احد في سورية كان مع الخيار العسكري سوى المافيا الاسدية.

كل تاريخ الثورات في العالم من يرفض الخيار العسكري هو السلطة, لماذا لم تتعسكر الثورة بمصر او تونس او اليمن, وتعسكرت فقط في ليبيا وسورية? ليجيبنا السادة عن هذا السؤال, ألم يكن تنظيم الاخوان المسلمين في مصر اكبر قوة سياسية, لماذا لم يذهبوا باتجاه العسكرة? لأن السلطة في مصر وتونس تتمتع بحد ادنى من انتمائها لبلدها بخلاف ما عندنا, فيما كان يعرف” بسورية الاسد”. مع ذلك لدينا الآن اسئلة للشيخ معاذ ارجو ان يجيب عليها:

– طرح في خطابه امام قمة الدوحة ان هناك دولا ترسل مجاهدين وارهابيين لسورية, ارجو ان يسمها.

– يكرر ان هناك مؤامرة على سورية من قبل اصدقاء سورية الذي رمى استقالته بوجوههم بموقف فردي بطولي! ليفسر لنا كيف هي هذه المؤامرة بالمعطيات والوقائع وليس بالخطابات الانشائية والمتدروشة?

– اشار اكثر من مرة للاطراف التي تعمل معه بالائتلاف بشكل سلبي, ليشرح لشعبنا ما قصة هؤلاء معه? من حق شعبنا عليه ان يشرح له لماذا قدم استقالته مرات عدة, دون خطب درويشية,بساط احمدي: استقلت للاسباب التالية ليعددها لنا من دون خطابات عامة?

واختم بالقول حتى قبل لقاء اصدقاء سورية الاخير في اسطنبول, لم يطالب رسميا لا المجلس الوطني ولا الائتلاف الوطني الدول الاوروبية واميركا بالتدخل الدولي لحماية شعبنا, وكل ما يقال عكس ذلك غير صحيح. وهنا الطامة.

جريدة السياسة

26/04/2013

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة