حزب الله يراهن بمستقبله على نظام الأسد ـ أحمد عثمان

مقالات 0 admin

في حديثه الأخير عن الصراع الدائر في سوريا بين بشار الأسد والشعب السوري، سخر حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني من الأنباء التي تحدثت عن ارتفاع عدد قتلى حزبه دفاعا عن نظام بشار الأسد. وبدا نصر الله واثقا من استمرار النظام السوري رغم الهزائم التي يتعرض لها، وأكد أن أصدقاء الأسد – أي إيران وحزب الله – «لن يسمحوا بأن تسقط (سوريا) في يد أميركا أو إسرائيل، أو الجماعات التكفيرية». ومع هذا فبدلا من الاعتراف بدفاعه عن نظام الأسد، قال نصر الله إن رجاله عبروا الحدود لحماية اللبنانيين الذين يعيشون بريف القصير، ومقام السيدة زينب بريف دمشق. وبرر أمين حزب الله وقوفه إلى جانب نظام الأسد بأنه «النظام العربي المقاوم والممانع الوحيد.. الذي أسقط أخطر المشاريع الإسرائيلية والأميركية»، رغم أنه لم يتمكن من استرجاع شبر واحد من أرض الجولان المحتلة.

يصر حزب الله دائما على اعتبار نفسه ممثلا للمقاومة، حتى بعد أن صارت مهمته الرئيسة الآن تنحصر في مقاتلة ثوار سوريا، فهل يمكن اعتبار هذا العمل من أعمال المقاومة؟

مفهوم المقاومة هو أن يقوم بعض الأفراد متطوعين بالدفاع عن وطنهم بسبب وقوعه تحت سيطرة قوى أجنبية، لا تستطيع الدولة وحدها مواجهتها. وفي خلال الحرب العالمية الثانية ظهرت حركة للمقاومة في فرنسا من الرجال والنساء، كانت مهمتهم رفع معنويات الشعب المحتل، وجمع المعلومات عن مواقع وتحركات القوات الألمانية وإرسالها للحلفاء. كما قامت لجان المقاومة بإتلاف المعدات العسكرية الألمانية، وساعدت الأسرى من جنود الحلفاء على الهرب.

لكن حزب الله اعتبر نفسه «منقذا إلهيا» جاء ليحرر بلاد العرب من أميركا وإسرائيل، ويقف في مواجهة الحكام الشموليين. وعندما قامت الشعوب العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن بثوراتها، تبع حزب الله الولي الفقيه الإيراني في تأييده لثورات هذه البلدان، حيث كانت الآمال في انضمامها لحلف المقاومة الإيراني. لكن الموقف تغير بعد ذلك عندما ثار شعب سوريا، وبدلا من الوقوف إلى جانب الشعب السوري المقاوم للطغيان، اختار حزب الله الوقوف إلى جانب النظام الطاغية.

وبعد أكثر من عامين دمر خلالها بشار الأسد غالبية مدن بلاده، وقتل عشرات الآلاف من أبناء شعبه، تاركا مئات الآلاف ينزفون من جراحهم أو يهربون خارج حدودهم، اقتربت ساعة الحسم وصار قصر الأسد على مرمى قذائف الثوار. وبدلا من الانضمام إلى مقاومة شعب سوريا، قرر حزب الله مهاجمة مواقع الجيش الحر المتاخمة للحدود اللبنانية بمنطقة القصير غرب حمص، على بعد 162 كيلومترا شمال دمشق، وقام الحزب بتدعيم أنصار الأسد في المناطق الحدودية بالسلاح، لمنع الجيش الحر من السيطرة عليها. كما شن حزب الله هجمات على مراكز الجيش الحر في ثماني قرى حدودية بين سوريا ولبنان، في محاولة للوصول إلى مدينة حمص والسيطرة عليها، في خطة تهدف إلى تأمين الطريق بين بيروت ودمشق.

ورغم التدريب العالي الذي حصل عليه مقاتلو حزب الله وقدرتهم على تنفيذ الأعمال العسكرية، فإنهم غير مؤهلين للمشاركة في حرب طويلة الأجل في مواجهة شعب ثائر يعتمد في قتاله على الكر والفر. وحتى الجيش النظامي السوري الذي كان من أقدر الجيوش المدربة على القتال، اضطر إلى سحب وحداته وقواته المدرعة من مناطق شاسعة في شمال البلاد، أمام هجمات الجيش الحر والجماعات المقاتلة. ويبدو أن قرار حزب الله في دعم النظام السوري لم يبن على تحليل عسكري، بل جاء نتيجة قرار سياسي اتخذته القيادة في إيران، قد يفقد الحزب موقعه في بلده الأصلي لبنان.

فبينما استطاع حزب الله تجنيد بضعة آلاف من المتطوعين الذين اعتبروه ممثلا للمقاومة في وجه إسرائيل، يحصلون على آلاف الدولارات مقابل مشاركتهم في الاستعراضات وبعض الأعمال العسكرية، فليس هناك من هو مستعد للتضحية بحياته في معركة لا تخصه، ليس هناك احتمال في كسبها. فبين حين وآخر صار نصر الله يدفن موتاه من شباب حزب الله، دون أن يعلن عن المعركة التي ماتوا فيها. ولا يوجد من يراهن على انتصار بشار الأسد الآن سوى حسن نصر الله والقيادة الإيرانية.

من المؤكد أن سقوط نظام الأسد في سوريا – مهما طال الأجل – سوف يمثل بداية النهاية لحزب الله اللبناني، ولن يكون في وسعه الهرب منها.

10/5/2013 – الشرق الأوسط

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة