13 نيسان وسورية ـ عبدالله إسكندر

مقالات 0 admin

في 13 نيسان (ابريل) 1975، التاريخ الرسمي لبدء الحرب في لبنان، كان الجدل يتركز على مسألتين: النظام السياسي والمواجهة مع إسرائيل.

المعارضة التي تمثلت آنذاك بما كان يسمى القوى الاسلامية والوطنية كان بعضها يشكو من «احتكار» الموارنة للقرار وأعلن الرغبة في انهاء «الامتيازات الدستورية» لمصلحة المشاركة الطائفية في الحكم. وأعلن بعض آخر في المعارضة ان النظام الرأسمالي آنذاك والمتحالف مع الغرب ليس قادراً بطبيعته على اتخاذ قرار القتال ضد اسرائيل.

هذا الجدل لم يُحسم حتى الآن، بعد عقود من الاقتتال والحوارات والاتفاقات والتدخلات السياسية والعسكرية الاقليمية والدولية، بما فيها احتلال القوات الاسرائيلية للعاصمة اللبنانية. لقد اتخذ الجدل اسماء جديدة، لكن مضمونه واحد. فبدل «الاحتكار» الماروني عبر الدستور السابق، هناك اليوم «الهيمنة» الشيعية، عبر السلاح والمال والنفوذ المستمد من الوصاية السورية السابقة. وبدل المطالبة بالدعم للقوات الفلسطينية التي كانت تسعى الى «التحرير» انطلاقاً من جنوب لبنان، هناك اليوم معادلة «الجيش والشعب والمقاومة».

لقد التقط باكراً الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد الترابط العميق بين مسألتي النظام السياسي والمواجهة مع اسرائيل. وأدرك سريعاً ان شرعية النظام لا تكتمل من دون شعار المواجهة. كما ادرك ان استقرار النظام يقوم على عدم اجتياز الخط الاحمر الامني الاسرائيلي. فهو مهّد، عندما كان وزيراً للدفاع، لـ «حركته التصحيحية» من خلال اندلاع ازمة الترابط بين النظام والمقاومة في الاردن. اذ امتنع عن حماية قوات منظمة التحرير التي كانت تحرقها المدفعية الاردنية، لعلمه ان الاردن خط احمر، اميركياً وإسرائيلياً، لكنه في الوقت نفسه اتاح للقوات الفلسطينية الانتقال الى لبنان، حيث يمكنه ضبطها استناداً الى المعادلة نفسها.

ومن اللافت ان الساحة اللبنانية اشتعلت بعد «الحركة التصحيحية» وبررت قيامها بالنزعة المغامرة لدى الحكم البعثي السابق وبضرورة الانفتاح على المعتدلين العرب. وازدادت اشتعالاً بعد حرب تشرين التي شكلت حجر الاساس في «الشرعية» السياسية للنظام البعثي الجديد الذي باتت تظهر شيئاً فشيئاً الغلبة الطائفية فيه.

لقد افشل حافظ الاسد، عندما كان وزيراً للدفاع، دفع سورية الى مغامرات غير محسوبة تقلب الوضع الداخلي السوري بما يطيح حكم البعث، بمن فيه الوزير نفسه. وعمل عندما بات الحاكم الفعلي على ان يجعل نظامه ضرورة اقليمية. وكان لبنان في تلك المرحلة يشكل المختبر النموذجي لمثل هذه الضرورة. وذلك عبر الانشقاقات الطائفية من جهة، والجبهة المفتوحة مع اسرائيل من جهة اخرى.

وفيما كان النظام السوري ينزلق شيئاً فشيئاً، من دولة مؤسسات الى حكم الفرد والاستخبارات واحتكار القرار السياسي ضمن اقلية طائفية، كان يمنع في لبنان امكان استعادة دور دولة المؤسسات عبر تسويق الحلول الطائفية، كما ظهر في كل محطات الازمة اللبنانية، خصوصاً بعد اتفاق الطائف حيث اتخذت الضرورة اسم الوصاية السياسية والامنية، مع ما انطوى عليه ذلك من استتباع للوضع اللبناني بالكامل.

فشل 13 نيسان اللبناني في الخروج من الاقتتال الاهلي والنزوع الطائفي الى الهيمنة والاستئثار، بفعل حاجة نظام الحركة التصحيحية الى مثل هذا المختبر. ويبدو ان هذا الخروج بات مرتبطاً اكثر من اي وقت مضى بمصير النظام السوري الذي يستخدم كل انواع اسلحة الفتك من اجل التصدي لمطالب انهاء الهيمنة الطائفية.

الحياة  ـ ١٤ أبريل ٢٠١٣

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة