من سوريا إلى العراق والهواجس اللبنانية خطر الكيانات الطائفية إلى تصاعد ـ روزانا بومنصف

مقالات 0 admin

ما كان يعتبر سيناريوات او تكهنات اعلامية خلال العامين المنصرمين من عمر الازمة السورية عن احتمال انقسام سوريا الى كيانات طائفية يبدو راهنا وفق مصادر ديبلوماسية عليمة امرا غير مستبعد في ضوء المعارك التي يخوضها النظام مع المعارضة من اجل استرجاع ارض فقد السيطرة عليها وانخراط ايران و”حزب الله” جنبا الى جنب معه في هذه المعارك. وتبعا للخرائط الميدانية التي يتم متابعتها في عملية محاولة استعادة السيطرة والفرز الطائفي لا تخفي هذه المصادر ان سوريا قد تكون متجهة الى خيار الكيانات الطائفية وانه بات يتم الاعتراف بان ثمة من يرى الامور تذهب في هذا الاتجاه بعدما كانت غالبية الدوائر المعنية تنفي مثل هذا الاحتمال في اوقات سابقة على رغم ان هذه المصادر ترى ان الكيانات المحتملة قد تكون لمرحلة انتقالية ليس الا، لانها قد لا تجد فرصة او مجالا للاستمرار لاعتبارات جيوسياسية متعددة او لانها قد تكون مشروع حروب دائمة في المنطقة. وكان لافتا اعلان رئيس البنك المركزي السوري حجم الخسارة التي اصابت سوريا والحاجة الى مساعدات مادية ايرانية وروسية في ظل تساؤل اثاره ذلك حول حجم الدعم المالي الممكن لدولة باتت في حاجة الى مليارات الدولارات من الصعب توقع وجود قدرة لدى ايران او روسيا على تقديمها لاعتبارات متعددة. في اي حال فان خيار نشوء الكيانات الطائفية في سوريا من ضمن مناطق سيطرة معينة بات من الخيارات التي يتم الاعتراف بوجودها ولو انها ليست من بين تلك التي وضعت علنا على اي طاولة للبحث حتى الان خشية الايحاء بان تقسيم سوريا امر محتمل او ممكن علما ان ثمة من يقول ان الامر اذا كان سيحصل فإنما بقوة الامر الواقع وليس وفق ارادات الدول لانه سيتم اقتطاع مناطق نفوذ بالقوة من اجل ان يتم التفاوض انطلاقا من اوراق قوية او من اجل الاحتفاظ بها.

وفي ظل المعطيات المتوافرة راهنا حول استمرارغياب افق للحل السياسي في سوريا نتيجة رفض الرئيس السوري بشار الاسد اي عملية انتقال سياسي تنهي حكم البعث المستمر في السلطة منذ ما يزيد على اربعين عاما ورفض المعارضة اي حوار مع الرئيس السوري، تتلاقى مواقف الغرب الحذر من تصاعد تأثير الاصوليين من ضمن المعارضة واحتمال سرقتهم انتصار الثوار السوريين مع ما تسوقه كل من روسيا وايران في هذا الاتجاه. اذ في الوقت الذي تقلق فيه دول الغرب لاستمرار انقسام المعارضة وعدم قدرتها حتى الان عن فرض نفسها كبديل عن النظام السوري، فان الروس يغذون هذا القلق من خلال عدم اخفاء تشاؤمهم من مستقبل الوضع في سوريا في حال نجحت المعارضة في اسقاط بشار الاسد لانهم يرون ان سوريا قد تذهب الى التفتيت فيما رأى الرئيس الايراني احمدي نجاد بدوره “ان انتصار المعارضة سيمثل تهديدا للمنطقة وسيجلب موجة من عدم الاستقرار”. وتاليا فان المعادلة هي ان انتصار المعارضة سيؤدي الى عدم الاستقرار لان النظام ومن سيستمر في دعمه من ابناء طائفته وربما من طوائف اخرى سيستمرون في القتال رافضين الخضوع لسلطة اكثرية مختلفة في السلطة. وهو اقتناع يسري ايضا على بعض الدول الغربية التي لا تزال ترى في استمرار الاسد في موقعه راهنا احد اهون الشرور في ظل غياب اي حل او توافر اي بديل على رغم سريان الاقتناع بان لا موقع له في مستقبل سوريا مهما طال امد بقائه في السلطة. في حين تقول المصادر ان العكس صحيح ايضا وهو ان استمرار الاسد في موقعه سيؤدي الى استمرار عدم الاستقرار في المنطقة بمختلف الذارئع بما فيها انه لا يزال يتمتع بدعم شعبي، فان هذا الدعم لن يكون كافيا في اي حال لبقائه، وربما لو اتيح اجراء استفتاء شعبي حر وبرعاية دولية لظهر ذلك بوضوح، لان بقاءه يعني مشروع حروب دائمة ومستمرة في سوريا نظرا لعدم امكان عودة الشعب السوري الى الوراء من جهة ولان الطائفة السنية وفي ظل الاصطفاف المذهبي للطائفة الشيعية مع النظام ودعم ايران و” حزب الله” له اضحت بعد الاثمان المرتفعة التي دفعتها في ثورتها على النظام ولاعتبارات اخرى لا تقبل بتسوية تسمح ببقاء الاسد. يضاف الى ذلك تداعيات ما يجري على دول الجوار والتهديدات الجوهرية لكيانات هذه الدول ومرتكزاتها والتي يشكل تزايد عدد اللاجئين السوريين احد ابرز اسبابها نظرا الى المخاطر التي تترتب على بقاء هؤلاء في الدول المضيفة وعدم امكان عودتهم الى بلادهم.

واذا كان لبنان لا يزال يشهد في حده الادنى تماسكا ولو ظاهريا على صعيد الدولة والمؤسسات ويتم السعي بقوة للمحافظة على هذا التماسك عبر الدفع في اتجاه التزام لبنان استحقاقاته الدستورية وفق الرسائل التي يكررها زواره الكثر من الديبلوماسيين الاجانب في الاونة الاخيرة لا سيما بعد استقالة الحكومة، فان ذلك لا يمنع وجود خشية كبيرة من عدوى الكيانات الطائفية اكثر مما هي الحال راهنا خصوصا ان العراق بدأ يشهد بدوره فصولا تمهد لهذا الاحتمال وما يحمله من مخاطر بدأت الامم المتحدة ودول عدة تحذر منها خصوصا في ضوء “الانفصالات” الطائفية او المذهبية الأخيرة. وهذه الاحتمالات وفق ما يخشى كثر لا تحصل على البارد بل على دماء غزيرة تبريرا لاي اتجاه يمكن ان يعتمد.

30/4/2013- النهار

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة