«جبهة النصرة» تستفيد من غياب المجتمع الدولي في سوريا ـ مراد بطل الشيشاتي

مقالات 0 admin

إشارتان أساسيتان صدرتا من واشنطن وباريس على التوالي بشأن الوضع الميداني في سوريا، وتحديداً بشأن «جبهة النصرة لآهل الشام»، أقوى المجموعات الجهادية في سوريا والتي أعلنت بشكل واضح ارتباطها بتنظيم القاعدة المركزية بزعامة أيمن الظواهري.

أما الإشارة الأولى التي ترتبط بواشنطن وقد كشفت عنها صحيفة «ذي ناشيونال» الإماراتية، الناطقة باللغة الإنجليزية، بأن مسؤولاً أمنياً أميركياً طالب قيادات في الجيش السوري الحر بمواجهة جبهة النصرة كشرط لدعم المعارضة المسلحة في سوريا، لا بل إن المسؤول الأميركي قال وبشكل واضح، وفق الصحيفة، إن «قتال جبهة النصرة مقدم لدى الأميركيين على قتال قوات الأسد».

وأما الإشارة الثانية فجاءت من باريس وعلى لسان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي أكد دعم المعارضة السورية، ولكن طالب بتصنيف جبهة النصرة كـ «منظمة إرهابية». الموقفان الأميركي والفرنسي يجب أن يفهم في سياق حالة «التفاهم على مضض» بين الأميركيين وروسيا على إثر زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لموسكو الأسبوع الماضي، وخرج الطرفان ببيان باهت ولكن متوافق إلى حد ما، وذلك رغم أن الاختلاف بين موقفي البلدين ما زال قائماً، وهو ما يدلل على وجود رغبة دولية في «ترتيب» مخرج للأزمة السورية.

الإشكالية تكمن في أن المجتمع الدولي ما زال، ومن خلال تحليل التصريحات والمواقف المختلفة، يعتقد أن بإمكانه فرض حلول للأزمة السورية دون أن يدرك، أو يعترف، بأن التدخل بات متأخراً جداً الآن وأن الأمور باتت تحدد ميدانياً داخل سوريا بدرجة أكبر مما يتحدد في الأروقة السياسية. وهذا أيضاً يقدم إطاراً عاماً لفهم نجاح جبهة النصرة في سوريا، ميدانياً وعلى مستوى الخطاب كذلك.

لعبت عدد من العوامل دوراً أساسياً في تفوق جبهة النصرة واكتسابها شهرة بين أوساط المعارضة المسلحة، ولعل أهمها حالة الإحباط، وغياب الأفق لدى السوريين من موقف المجتمع الدولي السلبي، ولعل الموقف الأميركي المذكور أعلاه، بإيلاء أولوية «الحرب على الإرهاب» على «إسقاط النظام»، سيستقبل بشعور كبير من الإحباط لدى الكثير من السوريين، كما أن التنظيم ومحاولة كسب تأييد المحليين عبر تقديم الخدمات لهم كانت أيضاً من العوامل الرئيسية لنجاح جبهة النصرة.

أجل على المستوى الإيديولوجي، يختلف الكثير إن لم نقل غالبية السوريين، مع طروحات التيار السلفي-الجهادي، ولكن من الملاحظ أن غياب الدولة في الكثير من المناطق تفترض بديلاً يتميز بالتنظيم، وهو ما قدمه الجهاديون في سوريا.

وعلى ذلك فإن غياب بديل عن «جبهة النصرة» يعني أن الجهاديين باقون في سوريا، وسيكون على المجتمع الدولي التعامل مع «بؤر ساخنة» يسيطر عليها الجهاديون، ولكنها تستمر وتقوم على حالة الإحباط التي تسبب بها غياب المجتمع الدولي عن المجازر التي تحصل يومياً في سوريا. من الضروري أن هذا لا يعني إلقاء اللوم على المجتمع الدولي لتبسيط القضية، ولكن من الضروري الإشارة إلى أن مصدر قوة السلفيين-الجهاديين يكمن في قدرتهم على إنتاج خطاب يقدم تفسيراً لإحباطات الشبان وغضبهم، وهو ما يقدم بالتالي بيئة مواتية للتجنيد وكسب المؤيدين على الأرض، وهذا تحديداً ما يحدث في سوريا اليوم.

13/5/2013 – العرب القطرية

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة