الشعوب العربية.. غياب غير مبرر لجهود مناصرة إخوانهم السوريين ـ علي الرشيد

مقالات 0 admin

رغم عِظَم الثورة السورية، وقوة نضالها في مواجهة آلة الظلم العاتية، وما يقدمه الشعب السوري من تضحيات جسيمة، منذ أكثر من ستة وعشرين شهراً، لتحقيق أهدافه في الحرية والكرامة والتخلص من كابوس الطغيان والديكتاتورية، فإنها رغم ذلك لم تحظَ من الأمتين العربية والإسلامية بالمناصرة المطلوبة، والحشد اللازم لمآزرتها شعبياً، والضغط على نظام دمشق المجرم ومن يسانده، لوضع حد لمجازره الدموية، وقصفه للمدنيين بالطائرات والصواريخ، وتشريدهم داخل البلاد وخارجها، وتهديمه للبيوت والمساجد ودور العبادة والبنى التحتية.. نقدّر لكثير من الأفراد والمحسنين وبعض التجمعات والملتقيات والجمعيات الخيرية دعمهم المالي، ومساعداتهم الإنسانية المالية والعينية، ودعمهم المعنوي، لكن ما يتم فعلياً دون مستوى التحديات التي تواجهه هذه الثورة المباركة بكثير، فضلاً عن أن مفهوم الحشد والمناصرة واسع وكبير، وبإمكان الجميع أن يسهم فيه بغية ردع الظالم، وحلفائه الإقليميين والدوليين، وممارسة الضغط من أجل وقف أفعالهم البريرية أو الحد منها على الأقل، وتوعية المجتمعات بالأخطار المحدقة المترتبة على السكوت عنها، واستنهاض الهمم وتوظيف طاقات الأمة من أجل مساهمة الجميع في دعم هذه الثورة، ونيل شرف مساندتها في إطار التكافل والتعاون والتعاضد، وهي من أبسط الحقوق للشعب السوري على إخوانهم، بحكم وشائج الدم وصلات الدين والجوار والتاريخ، بعيداً عن الغفلة واللامبالاة الحاصلة الآن بكل أسف، والتقصير الكبير في هذا الجانب.

ووفقاً للمصطلح الدولي فإن المناصرة تعني كسب التأييد والحشد لقضية سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو لقضية فئة اجتماعية، بهدف إحداث تغيير في واقع هذه الفئة وقضاياها ومشاكلها، وطبقا لما سبق فإن مصطلحات الدفاع والدعوة والمؤازرة مطابقة لمصطلح المناصرة، وقد يستخدم مصطلح المدافعة التي تعني، كل فعل موجه نحو تغيير سياسات أو مواقف أو برامج خاصة، أي إنها تعبير عن توجيه انتباه المجتمع إلى قضية مهمة، وتوجيه صانعي القرارات إلى البحث لإيجاد الحل. ولا يمكن أن تنجح المدافعة إلا من خلال العمل مع الآخرين أفراداً ومؤسسات لإحداث تغيير ما.. لمناصرة الثورة السورية، والحشد لدعمها شعبياً مجالات واسعة لا حدّ لها، بدءاً من تنفيذ المظاهرات والوقفات الاحتجاجية الجماهيرية أمام السفارات السورية والإيرانية والروسية والأمم المتحدة ومنظماتها، وحتى أمام سفارات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، استنكاراً لما يقوم به النظام السوري، وما يقدمه له شركاؤه في الإجرام، من دعم بالسلاح والعتاد والمقاتلين، ودعم سياسي ودبلوماسي. إضافة لرفع العرائض وإرسالها للجهات الحقوقية الدولية، والتواصل مع أعضاء مجالس النواب، وكتابة المقالات، وتقديم خدمات وإنتاج مواد إعلامية كالأفلام الوثائقية والفيديو كليبات الإنشادية، وفعاليات خاصة للتعريف بالثورة السورية، كالحملات التوعوية، والمعارض، والأسابيع الثقافية والفنية، والدوريات الرياضية، وتوعية الجمهور والرأي العام بعمق مأساتها الإنسانية، وحجم الاحتياجات اللازمة للتخفيف من معاناة السكان المدنيين. واستثمار شبكات التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك، لتشكيل رأي عام ضاغط لخدمة قضايا معينة.. أقول هذا الكلام بعد اطلاعي على تجربة معرض “سوريا..ألم وأمل” الذي انتهت فعالياته في مستهل هذا الأسبوع، وهي تجربة مبتكرة من قطر الخيرية للمساهمة في التوعية بحجم المأساة الإنسانية للمتضررين من أبناء الشعب السوري في الجوانب المتصلة بتدمير الآثار والتراث الثقافي والمساجد ودور العبادة، والتعليم والصحة، والجوع والعطش، والمخاطر البيئية، والمأوى وغيرها، وحشد المناصرة لها، حيث قام المعرض بمحاكاة ما يجري على الأرض ميدانياً من خلال مجسمات، وصور مؤثرة، مؤثرات صوتية وضوئية، وتمكّن إلى حد كبير من إبراز حجم المعاناة للمتضررين من أهلنا في سوريا، وترك أثراً في نفوس من شاهده من الشخصيات، والكبار والصغار من الزوّار.

وقد تمثل نجاح هذا المعرض في عدة أمور، أهمها:

ـ رجع الصدى الذي كان عبارة عن إشادات وافرة بفكرته وشكله ومضمونه وما تركه أو ينتظر ان يتركه من أثر وتأثير، فقد قال أحد الدعاة الخليجيين الذي زاره: إنه يعدل في تأثيره آلاف المحاضرات، فيما قال المنشد السوري المعروف يحيى حوا، إنه زار سوريا أكثر من مرة بعد الأزمة، وإن زيارة المعرض أشعرته بأنه يكرر هذه الزيارة لمرة أخرى، فيما طالب ضيوف عرب يعملون في أوروبا بنقله إلى هناك لتوعية الرأي العام الأوربي بمعاناة أهلنا في سوريا..

ـ كثير من الزوار كانت أعينهم تفيض من الدمع مراراً أثناء التطواف في أجنحة المعرض، مما عكس حجم تأثير معروضاته في نفوسهم، وكثير منهم لم يستطع إتمام كامل الجولة بسبب حجم التأثر بما شاهدوه، وقوة الشرح المصاحب للمجسمات والصور. لقد كان خلف كثير من الصور في المعرض “البورتريه”، وخصوصاً صور الأطفال والشيوخ قصصاً محزنة، رواها بعفوية فريق التصوير الذي قام بالتقاطها عن قرب..

ـ إتاحة المجال لزوار المعرض من الأطفال وطلاب المدارس للتفاعل، من خلال المرسم، حيث قاموا برسم لوحات تعبّر عن تعاطفهم مع الشعب السوري ومأساته، وتأثرهم بهول ما يلاقيه بتلقائية رائعة، ثم علقوها على جداية خاصة بها. وفعلت أناشيد المنشدين تأثيرات مماثلة.

ـ وأخيرا وهو الأهم فقد وجّه المعرض رسالة لكل من زاره لينشط في مجال الحشد والمناصرة لصالح الشعب السوري، كل حسب طاقاته وقدراته، وعدم الاكتفاء بالتفرج.. فهل سينشط الشباب العرب والمسلم لإطلاق مبادرات نوعية تصب في هذا التوجه؟.. نرجو ذلك.

 22/5/2013- الشرق القطرية

Loading

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة